منتدى المهاجر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المهاجر

مرحبا بكم في منتدى المهاجر
 
الرئيسيةاعلان هامأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الترجمة والتأويل نقل للعلامات اللغوية أم صياغة جديدة تتمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
DEVISIONNAIRE11
نائب مدير المنتدى
نائب مدير المنتدى



ذكر
عدد الرسائل : 88
العمر : 46
العمل/الترفيه : العمل يدوي صناعي والفكر ثقافي والترفيه إجتماعي
المزاج : دائما مبتسم المزاج إلا في حالات تعدي الحدود الغير المسموح بها
تاريخ التسجيل : 24/12/2007

الترجمة والتأويل نقل للعلامات اللغوية أم صياغة جديدة   تتمة Empty
مُساهمةموضوع: الترجمة والتأويل نقل للعلامات اللغوية أم صياغة جديدة تتمة   الترجمة والتأويل نقل للعلامات اللغوية أم صياغة جديدة   تتمة I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 27, 2007 6:09 am

لننظر إلى الجملة التالية :"نسمي إبدالاً مطابقة المجموعة س على نفسها، أي تحويل تركيبة حدودها الأربعة إلى تركيبة جديدة ". بما أنني لم أدرس الرياضيات الحديثة فإنني لست قادرةً على فهم هذه الجملة، أي أنني عاجزةُُ عن إدراك معناها. مالذي يمكنني قوله بعد قراءتها أكثر من مرة ؟ أستطيع الافتراض أن الجملة تدخل في نطاق الرياضيات، لأن كلماتها تدل على ذلك ؛ ومن ناحية أخرى فإن تركيب الجملة يجعلني أدرك أن المجموعة تتألف من أربعة حدود. ولكن معرفتي بالقواعد والمعاني الشائعة للكلمات المستخدمة لاتسعفني في المضي إلى أبعد من ذلك. أما طالب الرياضيات فتساعده في فهم هذه الجملة المفاهيم الرياضية المألوفة لديه والتي يستحيل على غير المتخصص إدراكها.
إن الانطباع الأول الذي يتكون لدينا هو أن عدم معرفتي المفاهيم التقنية للكلمات يحول دون فهمي للجملة ؛ والواقع أن جهلي هذا يدخل في إطار جهل أخر ألا وهو جهل الموضوع.
تساعدنا معرفة اللغة ومعرفة الموضوع في الوصول إلى وجه من أوجه المعرفة ذي أهمية كبيرة بالنسبة إلى مفهوم المعنى. فاللغة وسيلة للتعبير عن الأشياء والمفاهيم. عندما يتعلم الطفل الكلام، فإن المدلول الأول الذي يعطيه للكلمات يكون أول معرفة مجردة يكتسبها. وطالما اقتصرت معرفته للأشياء والمفاهيم على مدلولات الكلمات، بقيت معارفه محدودةً جداً. أما إذا أكثر من القراءة، ازدادت المدلولات التي يعطيها للأشياء غنى كلما
تقدم به السن ؛ ويصبح عندئذ قادرًا، حسب ما تقتضيه الضرورة، على التعبير عن هذه المدلولات بكلمة واحدة أو حتى بكتاب كامل.
لو عرفنا المقدرة اللغوية أنها فهم دقيق لمدلولات الكلام، والمعرفة بشكل عام أنها مجموع الشروحات والتفسيرات والتأويلات التي يمكن تقديمها لمفهوم معين (يمكن في بعض الحالات أن تملأ مجلدات كاملة)،لرأينا أنه لاتوجد هناك رابطة بين المعرفة اللغوية والمعارف الأخرى، وأن اللغة عندما تكتفي بوضع مسميات للأشياء لاتمثل سوى بداية المعرفة. وإذا كان صحيحاً أننا نتقدم بحركةٍ مستمرةٍ ومتواصلة من المعرفة اللغوية باتجاه معارف أكثر تطوراً، فإن هذه الحركة لاتنمو بشكل متجانس. إذ لايمكن في بعض المجالات اكتساب معارف متعددة، ولانستطيع في مجالات أخرى تجاوز المعرفة التي توفرها اللغة، مما يفسر المقولة الشائعة في ميدان الترجمة وهي أن المعرفة اللغوية لاتكفي لإدراك مايمكن التعبير عنه بواسطة العلامات اللغوية وترجمته. إن إدراك المنطوق اللغوي يرتكز في الواقع على نوعين من المعرفة، المعرفة بحد ذاتها، أي المعارف الدقيقة التي يشير إليها النص، والمعرفة اللغوية. ويرتبط بلوغ المعنى بتلاؤم هذين النوعين من المعارف مع ما يحمله النص اللغوي من جديد.
فإذا رجعنا إلى الجملة :"نسمي إبدالاً مطابقة المجموعة س على نفسها، أي تحويل تركيبة حدودها الأربعة إلى تركيبة جديدة"، وجدنا أنها تسمح لنا بإدراك العلاقة الموجودة بين اللغة والمعرفة، الأولى معروفة كما هي الحال دائماً في عملية التواصل، أما المعرفة فهي بالنسبة لهذه الجملة معدومة. من
شأن هذا المثال أن يجعل القارىء غير المتخصص في الرياضيات يدرك تماماً أنه يعرف اللغة ولكنه يجهل الموضوع. إلا أن التمييز لايكون بهذا الوضوح في أغلب الحالات، مما يؤدي إلى الخلط بين المعرفة اللغوية والمعرفة المتخصصة، دون إدراك أن اللغة لوحدها لاتمكن من استخلاص المعنى، وأنه ينبغي دائماً الاستعانة بمعارف خارجة عن نطاق اللغة لفهم نص لغوي.
تساعد المعارف غير اللغوية التي يملكها المرء في استخلاص مدلول الكلمات المرتبة داخل الجمل، وتؤدي بالتالي إلى إدراك المعنى. وكلما اتسعت المعارف، كلما اكتسب المعنى دقةً ووضوحاً.
العملية التفسيرية
مهما كان الاهتمام الذي نبديه أثناء القراءة سطحياً، ومهما قلت المعارف التي نواجه بها مدلولات الجمل التي نراها على الورق، فإننا لابد أن نستخلص ممانقرأ معنى معيناً، قد يكون محدوداً، أو مبهماً، أوخاطئاً أحياناً. يقول بياجيه Piaget (1967) إن الطفل الصغير لايعرف أن في السماء قمر واحد، ويظن أن القمر الذي يراه في ليال متوالية هو مجموعة من الأقمار المختلفة؛ كذلك إذا صادف مجموعة من البزاق في نزهته، لن يعرف أن هذه المجموعة ليست دائماً هي نفسها. ولكنه يدرك فيما بعد أنه بما أن البزاق لا ينتقل بالسرعة التي ينتقل بها هو فإنه لايمكن أن يصادف المجموعة ذاتها أكثر من مرة أثناء جولته، أي أن الطفل بدأ يحكم عقله؛ وكلما كبر ازدادت محاكمته للأمور غنى بما يكتسبه من
معارف جديدة تساعده في إدراك مايراه. وينطبق هذا المثال على اللغة، فنحن لانفهم الكلام الذي نقرأه أو نسمعه إلا لأننا نربط بينه وبين معارفنا غير اللغوية.
تختلف المعرفة من إنسان إلى آخر عمقاً واتساعاً؛ وهي لاتغطي المجالات المعرفية ذاتها. والانسان لايتلقى شيئاً إلا ويفهمه، أي يؤوله بشكل أو بآخر. وكل مايستعصي على الفهم التلقائي يكون مرده إلى أن المتلقي لم يكن يعره اهتماما. وهي ظاهرة يومية تحدث في كل التفاعلات بين العالم الخارجي والحواس. فعقل الانسان لايتلقى شيئاً دون محاكمة (وإن كانت هذه المحاكمة تلقائية عفوية تتم بسرعة مذهلة) لدرجة أن الاستنتاجات البسيطة والبديهية التي يتوصل إليها البالغ تستند إلى ركيزة من المشاهدات والمحاكمات المعقدة . وهذه الركيزة تسمح له بتنسيق كل عمل من أعماله بطريقة آلية يتعذر عليه وصفها، بما في ذلك فعل الكلام، ، حتى أن اعتقاداً ساد أن الحواس ماهي إلا مجرد تسجيلات، وأن السلوك هو ردود أفعال أو استجابات لحوافز خارجية (حافز-استجابة). وهذا ماأكده بياجيه عندما قال بوجود تصور تأويلي بين الحافز والاستجابة.
ينتج المعنى إذن عن التقاء العبارة اللغوية التي نراها على الورق بالمعارف التي تكون في جعبتنا عند القراءة.
إدراك مقاصد الكاتب
التأويل عملية تتم عامة بشكل عفوي، إلا أنها عند المترجم جهد إرادي يبذله في سبيل إدراك المعنى. وبما أن المعنى هو الغاية التي يصبو إليها
المترجم في عمله فإن ثمة مشكلة تطرح نفسها عليه وهي الوصول إلى مقصد الكاتب من خلال النص الذي بين يديه، أي بعبارة أخرى يسعى المترجم إلى استخلاص الرسالة التي أراد الكاتب نقلها من خلال الدلالات اللغوية. قيل إنه لايوجد معنى واحد، أي أن الكاتب والقارىء لايدرك كل منهما المعنى بطريقة واحدة. وقد أشار فاليري Valéry إلى ذلك عندما تعرض إلى العلاقة بين الكاتب وعمله بقوله:" لايوجد معنى حقيقي للنص. وليست هناك سلطة للكاتب. أياً كان قصده، فقد كتب ماكتب. وما إن ينتشر النص يتحول إلى أداة يستخدمها كل قارىء كما يطيب له وحسب إمكاناته. ومن غير المؤكد أن استخدام الكاتب لهذه الآداة أفضل من استخدام غيره لها."
ولكن لاينبغي أن يولد انعدام التلاؤم هذا بين الكلام والمدلول حالة من اليأس؛ فالإنسان ليس كالآلة، وفكره لايتطابق دائماً مع البنيات اللغوية؛ صحيح أن الكاتب "يعرف مايريد فعله"، ولكنه لايستطيع الحكم على"مافعل" إلا من خلال ردود أفعال القراء الذين يوجدون العلاقة بين النص وبين معارفهم.
لذلك يجب أن يكون تقييم الكاتب لمعارف القراء الذين يخاطبهم دقيقاً لكي يتمكن هؤلاء من إدراك المعنى الذي أراد إيصاله لهم. كما عليه أن يوازن بين مايفصح عنه في كتاباته وبين مايتركه مضمراً. وبالمقابل، على القارىء أن يدرك أن البنيات اللغوية لاتفصح إلا عن جزء من رسالة الكاتب. وسواء تعلق الأمر بقراءة نبأ في صحيفة أو بمقالة فلسفية، فإن
المعرفة التي تكون لدى القارىء هي دائماً تقريبية، بل خاطئة في بعض الأحيان (في حال عدم كفايتها)، تماماً كما هو الأمر بالنسبة لمقولة الكاتب التي تبدو أحياناً مبهمة (إذا لم يحلل أفكاره تحليلاً كافياً، أو إذا أخطأ في حكمه على القراء الذين يكتب إليهم). ومع ذلك فإن المعنى يتحقق تلقائياً، ويتطابق النص مع المقصد والغاية في معظم حالات التواصل المعهودة. لذلك فإننا نفهم المقالات الصحفية التي نقرأها (في الحقيقة، نحن نختار قراءة هذا المقال أو ذاك لأننا نملك المعرفة التي تساعدنا في فهمه)؛ وندرك أيضاً الحجج التي يبثها على شاشة التلفاز المرشحون للانتخابات التشريعية إبان الحملات الانتخابية؛ قد نؤيد هذه الحجج، وقد نرتاب من مناورات بعض المرشحين وازدواجية مواقفهم، إلا أننا ندرك مايقولونه في كل الحالات. أعتقد أن القارىء يوافقني الرأي في أن المعنى يصيب الهدف في حالات بسيطة جداً. بالمقابل، مالذي يحدث إذا انقضت قرون، أو حتى مجرد أسابيع بين كتابة النص وقراءته، أو إذا اختلفت ثقافة قارىء النص عن ثقافة كاتبه؟ بينما لاتواجهنا عادة أية صعوبة في فهم مقصد المتكلم أو الكاتب، فإننا في هذه الحالة قد نستخلص معان عديدة تعتبر كلها ممكنة في مفهوم التحليل الدلالي. فلو افترضنا مرة أخرى أن الأمر يتعلق بنص قانوني، فإنه يخشى في هذه الحالة، ومهما كانت صياغة النص محكمة وعباراته متوازنة، أن تؤدي التفسيرات المغرضة له إلى نزاعات وقضايا لاحصر لها
إن مايهم الترجمة، بين كل المعاني الممكنة التي لايمكن الاعتراض على احتمال وجودها، هو الوفاء لمقاصد الكاتب واستبعاد المعاني التي لاتستند إلى معرفة كافية، وتلك التي قد يساء فهمها أو تفسر لخدمة مصلحة ما. ينبغي على المترجم أن يتجنب في منهجيته السهولة في التأويل، وأن يتحاشى التفسيرات التي قد تكون مغرضة.
المعاني الضمنية والمعاني الصريحة
يسعى المترجم إلى بلوغ مقصد الكاتب معتمداً في ذلك على التحليل النصي وليس على التحليل اللغوي. والمعنى المطلوب نقله إلى اللغة الهدف هو ذلك الذي يحمله النص الأصل إلى أولئك الذين يملكون المعرفة اللازمة لفهمه. ويمكن القول إن المشكلة واحدة في كلتا الحالتين. فكما أنه من السهل أن تتحول الجمل المجتثة من السياق الذي وردت فيه إلى عبارات مغرضة لأن السياق الجديد الذي توضع فيه قد يضفي عليها مدلولات مغايرة لتلك التي رمى إليها الكاتب، فإن ترجمة الجمل المعزولة قد تثير أيضاً الغموض واللبس. فلو ترجمنا نصاً ما جملة جملة مستندين إلى اللغة الأصل أكثر من استنادنا إلى استمرارية فكر الكاتب، لكانت النتيجة تجاور عناصر لغوية معزولة يمكن نقل كل واحدة منها على حدة إلى لغة أخرى، وإذا جمعناها في نص واحد أصبح لدينا نص أشبه بلعبة "بزل" Puzzle ركبت قطعها تركيباً خاطئاً، أي أنه يتنافى مع الطريقة الطبيعية للتعبير في اللغة الهدف. ذلك أن كل كلمة معزولة، وكل عبارة خارجة عن سياقها، وكل مقولة غير مكتملة تحمل عدداً من المعاني الكامنة
والممكنة بعيداً عن أي معنى حقيقي. إن الكلمة خارج السياق جزء من اللغة لم يتحول إلى رسالة، بل هي أشبه بورقة نقدية لم تتحول بعد إلى مشتريات. فالورقة النقدية من فئة الخمسين فرنكاً التي أحملها يمكن أن تتحول إلى مشتريات مختلفة طالما لم تنفق. فإذا أنفقتها في شراء سلعة ما يكون هذا وجه من الأوجه العديدة التي يمكن أن تستخدم فيها الورقة. يمكن أن يقودونا تحليل قيمة الخمسين فرنكاً بعيداً جداً في الوصف، ولكنه لايساعدنا في التنبؤ باستخدامها. وينطبق هذا الأمر على اللغة مقارنة بالنصوص؛ فمعرفة اللغة شرط أساسي للترجمة؛ ولكن هذه المعرفة لاتعني تحقق الترجمة؛ إن استخدام اللغة هو فقط مايهم الترجمة. أستشهد هنا بما كتبه فينيه وداربيلنيه (1966) Vinay et Darbelnet للدلالة على أن التحليل اللغوي يستخلص المدلولات الكامنة في اللغة، وأن المعنى لايتبلور بنتيجة التحليل اللغوي فحسب. يقول الكاتبان : "إننا نتردد في ترجمة الكلمة الانجليزية " Hospital" بالكلمة الفرنسية " Hôpital " لأن الأخيرة كانت في وقت ما توحي بالفقر والعوز. لذلك فإن ترجمة العبارة الانجليزية I went to see him at the hospital إلى الفرنسية Je suis allé le voir à sa clinique (ذهبت لمقابلته في مستوصفه) تكسبها في حالات معينة دقةً أكبر.
إن التحليل اللغوي يشير إلى عدم وجود تطابق كامل بين الكلمتين المتشابهتين الانجليزية والفرنسية ؛ ولكن ليس هذا مايثير اهتمامنا. المهم في العبارة هو أنها تولد تداعياً في الأفكار وتقودنا نحو فرضية دلالية : عندما
قرأت العبارة الانجليزية تصورت أن الأمر يتعلق بزيارة صديق مريض؛ ولكن عندما قرأت ترجمتها الفرنسية " ذهبت لرؤيته في مستوصفه " توقفت عند أداة الملكية "sa " وغيرت رأي : لابد أن قائل العبارة طبيب لأنه لايمكن الذهاب لعيادة مريض في مستوصفه… إنه طبيب إذن، أو حتى ممرض أو مدير أو حارس، لست أدري… وربما أصابتنا الدهشة للبون الشاسع بين المدلول الحقيقي للعبارة وكل هذه الافتراضات لو عرفنا القصة التي تندرج في إطارها هذه العبارة. هذا يعني أن سلسلة التفسيرات الممكنة تتناقص إلى حد كبير عندما توضع العبارة في سياقها (الذي يمكن أن يكون كتاباً كاملاً)، لأن مقصد الكاتب ليس غامضاً على وجه العموم ويمكن إدراكه بسهولة ويسر.
معوقات الترجمة
قد تكون معارف القراء واسعة، كما يمكن أن تكون ضحلة، وهي في كل الأحوال تختلف من قارىء إلى آخر. والتفاعل بين المدلول والمعرفة لايؤدي بالضرورة إلى نتائج متماثلة؛ ولكن ثمة شيء أكيد وهو أنه سواء اكتفينا بالمعرفة الدنيا التي توفرها المدلولات اللغوية أو امتلكنا معارف موسوعية، يجب دائماً أن تنضاف المعرفة إلى مدلول الكلمات لاستخلاص المعنى. وبالمقابل يجب على المرسل أن يفترض لدى القارىء معرفة مماثلة لمعرفته ليحقق غايته في إيصال المعلومات التي يرغب في نقلها إليه. فالكاتب يعمد إلى إدراج مقولته في إطار معرفي يتقاسمه مع القراء، دون أن يكون هناك مع ذلك تطابق تام بين مقصد الكاتب والمعنى الذي
يستنتجه القارىء، لأن الإدراك أمر ذاتي ونسبي ولايمكن أن يكون المعنى إلا تقديراً لما قصده الكاتب. وهذا المعنى الذي ينبغي على المترجم إدراكه والتعبير عنه من جديد لايقاس بالشكل والكم لأنه كينونة متطورة وليس فعلاً ثابتاً. يمكن أن نقيس ملكة الإدراك لدى الإنسان بشكل دقيق وذلك بقياس نشاط الخلايا الدماغية لديه، بينما يتعذر قياس مايدركه الإنسان. لذلك لاينبغي أن ننحو دائماً باللوم على المترجم. ولحسن الحظ أن الإنسان ليس آلة وأن فكره لاينتظم في عناصر يتوافق كل منها مع علامة لغوية، وإنما يتكيف مع أغراض الاتصال ويتجسد في كلام تبعاً لآلية معينة. وبالتالي، بدلاً من البقاء في مرحلة العجز والاستمرار في البحث عن التطابق بين اللغات، ينبغي في مجال الترجمة تجنب التحليل اللغوي والسعي إلى إيجاد التعبير الملائم لنقل المعنى إلى اللغة الهدف. على صعيد اللغة الواحدة، يجري الاتصال في أغلب الأحيان بشكل سليم لايثير اللبس؛ ويتم عامة إدراك القصد من الكلام. فلم لاينطبق هذا الشيء على النص المراد ترجمته، وما الذي يمنع من فهمه والتعبير عنه من جديد ؟
من شأن الفلسفة والفن دراسة حدود المعنى وسبرماهية التواصل وإمكاناته، ومن شأن اللغويات وضع الثوابت الشكلية للمقولة؛ أما المترجم، الذي ينبغي عليه تأمين عملية التواصل، فيترتب عليه أن يسعى لبلوغ المعنى الذي رمى إليه الكاتب.
ليس المعنى الذي يهم الترجمة هو ذلك الذي يسعى إليه الفيلسوف، وقلما يكون هو المعنى الذي يتعامل معه الفنان. كذلك ليس المعنى هو مايدرسه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الترجمة والتأويل نقل للعلامات اللغوية أم صياغة جديدة تتمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المهاجر :: قسم تعلم اللغات-
انتقل الى: